تحليل الغدة الدرقية مضلل وكاذب
يفيد تحليل الغدة الدرقية في تشخيص الافراط في نشاط الغدة الدرقية ولكنه يكون مضللا وكاذبا اذا اعتمدنا عليه في تشخيص قلة نشاط الهرمون.
لماذا؟
1. من المعلوم ان الغدة الدرقية تفرز هرموناتها بنسبة 80% من الهرمون الغير النشط (T4) و20% في صورة الهرمون النشط (T3).
2. يجب ان يتحول الهرمون الغير نشط (T4) الى الهرمون النشط (T3) وهذه الخطوة تستوجب وجود مستوى طبيعي من اليود والسيلينيوم حتى تتم بكفاءة. ثانيا لكي تعمل الانزيمات التي تقوم بعملية التحويل بكفاءة لابد من ان يكون انتاج الطاقة في الجسم طبيعي. أي ان الامراض التي تؤدى الى انخفاض في انتاج الطاقة في الخلايا ستعوق عملية التحويل.
3. لا يتحول الهرمون الغير نشط (T4) فقط الى الهرمون النشط (T3) ولكنه يتحول ايضا الى ما يسمى بمعكوس (T3) والذي يمنع عمل الهرمون النشط ويوقف مفعوله.
مثال:
· إذا كان المستوى الطبيعي الذي يجب ان يكون عليه ال (T3) = 5
· وكان مستوى ال (T3) في تحليل الدم بالفعل = 5. أي يبدو في التحليل على ان مستواه طبيعي.
· وكان مستوى معكوس (T3) = 3
· فان المستوى الفعلي المتبقي من ال (T3) هو 5 – 3 = 2)) (أي 2 في حين ان التحليل يظهره انه 5).
· ملحوظه: لا يتم قياس مستوى معكوس (T3) في تحليل الغدة الدرقية.
4. الان مطلوب ادخال ما تبقى من ال T3)) أي 2 من الدم الى الانسجة. وهذه العملية تحتاج الى طاقة ايضا. معنى ذلك انه ان كانت خلايا الجسم تعاني من نقص في انتاج الطاقة، فلن تستطيع كل الكمية الفعالة المتبقية من (T3) والتي = 2 من دخول الخلايا. ولنفترض انه سينجح فقط نصف الكمية في الدخول للخلايا. أي ان مستوى الهرمون النشط في الخلايا سيساوى 1 فقط في حين نعتقد خطأ (وبناء على نتيجة تحليل الدم انها تساوى 5).
والغريب ان هرمون الغدة الدرقية يستطيع الدخول في خلايا الغدة النخامية بسهوله دون الحاجة الى طاقة، لذلك سنجد ان نسبة هرمون ال TSH الذي تنتجه الغدة النخامية أيضا طبيعيا.
ماهي الاعراض التي تؤدى الى خفض انتاج الطاقة في خلايا الجسم؟
1. كبار السن وخاصة بعض من هم أكبر من 60 سنة لذلك نلاحظ الخمول وعدم وجود الطاقة ولا الرغبة ونقص القدرة على الحركة و التنقل او الشهور بالإرهاق السريع فيجعل البعض لا يستطيع مغادرة المنزل او حتى مغادرة الفراش في بعض من هم أكثر من 70 عام من العمر وما يترتب عليه من ضعف متزايد نتيجة لضمور العضلات الناتج من قلة الحركة وقلة الاستخدام.
2. السمنة او البدانة.
3. الفيبرومايلجيا (نوع من الألم في نقاط مجدده في الجسم يمكن ان يدمر نوعية حياة الفرد). وجد ان 100% منهم لديهم نقص في الهرمون في الانسجة مع تحسن الحالة عند تعويض الهرمون.
4. مرضى السكرى (النوع الثاني)
5. الاكتئاب والتوتر النفسي.
6. مرضى الشريان التاجي وفشل وظائف القلب.
7. متلازمة الارهاق المزمن..
8. وامراض أخرى كثيرة.
اثبتت الدراسات ان ما يقرب من 45% من أصحاب الحالات السابقة يكون مستوى الهرمون في الانسجة لديهم اقل مما هو طبيعي (في الوقت الذى تكون فيه نسبة هرمونات الغدة الدرقية طبيعية في تحليل الدم). وان ما يقرب من 80% من افراد المجتمع يعانون من هذه المشكلة.
وما الذي يترتب عليه نقص مستوى الهرمون في الأنسجة؟
علمنا في المقالات السابقة ان هرمون الغدة الدرقية اهم هرمون لحرق الدهون في الجسم. أي بدون مستوى طبيعي في الانسجة ستتراكم الدهون حول الاحشاء وتحت الجلد وفى الكبد وفى العضلات وسيرتفع مستوى الكولسترول والدهون الثلاثية ويظهر الكرش.
وما المشكلة؟
1. اثبتت الأبحاث انه كلما قل استخدام الجسم للدهون كمصدر اساسى لإنتاج الطاقة كلما كانت كمية الطاقة الناتجة من التمثيل الغذائي قليلة لأن مصدر انتاج الطاقة سيكون هو الكربوهيدرات عوضا عن الدهون. وكلما قل انتاج الطاقة كلما عجز الجسم عن التخلص من المواد المؤكسدة الناتجة من عمليات الاحتراق (التمثيل الغذائى) والتي هى تساهم بقوة فى حدوث الالتهابات الصامتة التي تؤدى لحدوث تصلب الشرايين والزهايمر وباركينسون والإصابة بداء السكرى (النوع الثاني) ايضا. كما اثبتت الأبحاث ان قلة انتاج الطاقة يودي الى نقص العمر الافتراضي للفرد.
2. نقص انتاج الطاقة (والذي يحفزه بالدرجة الأولى هرمون الغدة الدرقية) يؤدى الى الشعور بالوخم والاجهاد السريع والكسل اثناء فترات النهار.
3. الرغبة في النوم لساعات طويلة اثناء النهار (القيلولة لا يجب ان تكون اكثر من ساعة او اقل).
4. كلما زاد الكسل والنوم بالنهار لفترة أكثر من ساعة كلما زاد الارق في الليل ويصحبه صعوبة في الوصول الى النوم العميق. ولتعلم انه في اثناء النوم يتخلص الجسم من كل ما تجمع فيه من مواد مؤكسدة على مدار اليوم.
5. الشعور بالاكتئاب ونقص الإنتاجية. لذلك كان الأطباء النفسيون يضيفون جرعة من هرمون الغدة الدرقية مساندة لمفعول أقراص الاكتئاب حتى تحدث استجابة أسرع واقوى للعلاج. ولكنهم لم يكونوا يعرفوا سبب العلمي وراء هذا التحسن.
6. إذا قل النشاط فلن تجد الطاقة الكافية والعزيمة لممارسة الرياضة.
إذا كان تحليل الدم غير دقيق بالمرة وخادع أيضا فكيف سيتم التشخيص؟
نعتمد بالدرجة الأولى والاساسية على اعراض نقص هرمون الغدة الدرقية الموجودة عند الشخص وهي:
1. زيادة الدهون في الجسم بالكامل.
2. الكسل والوخم وسرعة الاجهاد واعتلال المزاج.
3. الشعور ببرودة الأطراف واحيانا الشعور بالحرارة الزائدة للجو.
4. قلة التركيز والنسيان.
5. سقوط الشعر وتقصفه.
6. اختلال في الدورة الشهرية وضعف التبويض.
7. تورم القدمين والساق.
8. خشونة الجلد وخاصة في منطقة ساق الرجل.
9. عدم القدرة على تحمل ضغوط الحياة والاستسلام للحزن.
لا يجب توفر كل المظاهر السابقة للتشخيص ولكن وجود بعضها يكفي.
ماهي درجة امان استخدام هرمون الغدة الدرقية على القلب؟
لقد أجاب على هذا السؤال نتيجة احد اهم الدراسات في تسعينات القرن الماضي. ويعتبر هذا البحث من أجرأ الأبحاث التي أجريت في التاريخ. حيث قام الباحث بإعطاء هرمون الغدة الدرقية لمرضى فشل القلب المتأخر جدا أي في المرحلة الثالثة والرابعة من الفشل (والتي لا يستطيع عندها المريض الوصول الى الحمام او الاستحمام بدون الشعور بالإجهاد على أحسن تقدير). وكانت تحاليل الدم عند العينة من المرضى تحت الدراسة تشير الى نسب طبيعية.
ولم يقم الباحث بإعطائهم الهرمون الغير تشط ال (T4) الذي يستخدمه الجميع وهم خائفون. بل اعطاهم الهرمون النشط مباشرة (T3). ليس هذا فحسب فإنه لم يعطهم الهرمون النشط كحبوب تبلع وانما حقنا. وليس حقنا في العضل وانما حقنا في الوريد. أي سيصل الهرمون النشط الى الدم مباشرة ومنه الى القلب مباشرة ايضا. أي كما يظن البعض انك تصب البنزين على النار.
فماذا كانت النتيجة؟
1. لم تحدث حالة واحدة من رجفة في الاذين (أي لم يحدث تسرع في ضربات القلب على الاطلاق).
2. تحسنت قدرة القلب على ضخ الدم في كل المرضى بدرجة اعلى من التي تتحقق باستخدام الادوية الموصوفة لهذه الحالة). ولتعلم ان هرمون الغدة الدرقية أساسي لاستجابة عضلة القلب بكفاءة للمواد الكيميائية الطبيعية التي تحث عضلة القلب على الانقباض.
3. انتظمت كهربة القلب بحيث لم يعد هناك تباطؤ في انتقال الإشارة الكهربية اثناء حركتها في منطقة البطينين في القلب والتي إذا حدثت تؤدى الى أخطر نوع من أنواع اضطراب ضربات القلب على الاطلاق والذي إذا حدث فانه يكون السبب الرئيسي للوفاة المفاجئة في هذه الحالات. أي قلت أيضا فرصة حدوث الوفاة المفاجئة.
4. اى لم يحدث أثر جانبي واحد من الآثار التي قد يتوقع البعض حدوثها كأثر سلبى لهرمون الغده الدرقية على القلب المتهالك.
ماذا نفهم من ذلك؟
1. ان الحالة التي كانت عليها عضلة القلب عند هؤلاء المرضى هى التعطش البالغ للهرمون النشط الذي قد حرمت منه بسبب ضحالة انتاج الطاقة في خلايا القلب لدرجه لم تعد تسمح بمرور الكمية القليلة المتوفرة من هذا الهرمون من الدم الى نسيج وخلايا عضلة القلب.
2. وان الهرمون النشط وليس الهرمون الغير نشط هو المسئول عن تحسين الأداء وذلك لأن في مثل هذه الحالات المرضية (التي تؤثر على انتاج الطاقة) لن يكون تحويل الهرمون الغير نشط الى الهرمون النشط مضمون الحدوث بالدرجة الكافية ايضا.
3. لا يوجد وجه للمقارنة بين تأثير هرمون الغدة الدرقية على القلب في حالة النشاط المفرط للغدة الدرقية والذى يغرق القلب عندها في كميات هائلة من الهرمون (كما في مرض جرافيز مثلا) وحالة التعطش الشديد للهرمون عندما نعوضه بقدر من الهرمون حتى تسطيع الانسجة والخلايا القيام بوظيفتها بصورة مثالية.
4. وانه يذكر في التوصيات العلمية الدولية المعروفة لعلاج حالات فضل القلب انه على الطبيب ان يقوم بتعويض هرمون الغدة الدرقية إذا كان التحليل يدل على نقص افراز الهرمون من الغدة جنبا الى جنب مع الادوية والا لن يحدث التأثير الإيجابي المتوقع من الادوية. وان اطباء القلب يعلمون هذه الحقيقة. بل ويعلمون ان نقص افراز هرمون الغدة الدرقية الصريح يؤدى بمفرده الى فشل في وظائف القلب.
5. ولما كان كثير جدا من مرضى فشل وظائف القلب يعانون من نقص الهرمون في نسيج عضلة القلب (وبالطبع في انسجة الجسم الأخرى) في الوقت الذي يكون فيه تحليل نسبة هرمونات الغدة في الدم طبيعية)، وهذا هو الامر الذى يغيب عن معلومات الاطباء، فكم من هؤلاء المرضى محروم بالفعل من تعويض الهرمون والأطباء لا يعلمون.
6. يمكن تطبيق نفس المبدأ على عمل العضلات والمخ وباقي الأعضاء الحيوية في الجسم. لذلك فأن مادة واحدة تستطيع ان تضبط الكثير من العلل التي نستخدم لها عديد من الادوية. واذا تجاهلنا نفقات العلاج فأن الفائدة الحقيقية هى ان المادة المستخدمة مادة طبيعية ولا مجال لحدوث اثار جانبية على الاطلاق منها واضف الى ذلك رجوع الحيوية للأنسجة بخلاف العلاج الدوائي الذى يعالج الاعراض والانسجة مستمرة في التدهور.
أخيرا يجب تعويض اليود والسيلينيوم حتى يتم تحويل الهرمون النشط الى الهرمون الغير نشط في نفس الوقت الذي يتم فيه تعويض الهرمون في صورة حبوب للذين يحتاجون للتعويض. اما الأشخاص الاصحاء فيكفيهم اليود والسيلينيوم للمحافظة على دوام كفاءة عملية التحويل.
يوجد جهاز جديد يمكن ان بقيس نشاط الغدة الدرقية في الانسجة وبدقة عالية ومصرح به من هيئة الغذاء والدواء الامريكية وتصل دقته في التشخيص الى 98.5% في حين ان دقة تحليل الدم هي فقط 65% أي انها لا تستطيع تشخيص 35% من الحالات. وهذا دليل دولي إضافي بجانب ما اثبتته الدراسات التي قمت بعرض خلاصة نتائجها لكم في هذا المقال. واسم هذا الجهاز ثيروفلكس لمن يريد ان يتعرف عليه في اليوتيوب. Thyroflex.
د احمد فول
أخصائي طب وصحة المسنين ومكافحة الشيخوخة. 19.05.2016